الجمعة، مارس 06، 2020

وفاة العالم الجليل الدكتور محمد لقمان السلفي


د. نسيم سعيد التيمي


تلقيت ظهر اليوم 10/07/1441-05/03/2020 ببالغ الحزن والأسى وفاة شيخنا ومربينا الدكتور محمد لقمان السلفي مؤسس جامعة الإمام ابن تيمية، جندنباره، جمبارن الشرقية، بيهار، الهند، المقيم في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، صاحب الخدمات الجليلة، والآثار العلمية النافعة.ولد سنة (1943م)، ودرس في مدرسة دار العلوم الأحمدية السلفية، دربغه، بيهار، الهند من سنة (1956م) إلى سنة (1962م) بعد أن تعلم القراءة والكتابة في بعض المدارس الابتدائية، ثم سنحت له فرصة مواصلة دراسته في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية على أيدي كبار أهل العلم أمثال سماحة الشيخ ابن باز، والمحدث الجليل محمد ناصر الدين الألباني، والمفسر الشهير، الأصولي المعروف العلامة محمد أمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان، والمحدث النبيل العلامة الحافظ محمد غوندلوي -رحمهم الله جميعًا-، ومحدث المدينة الشيخ عبد المحسن العباد-حفظه الله-، فصقلت مواهبه، وتوسعت قدراته، فحاز شهادة البكالوريوس بتقدير ممتاز، ثم حصل على شهادة الماجستير من المعهد العالي للقضاء بالرياض، وشهادة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وتتلمذ في المعهد العالي على العالم المتقن صاحب التحقيقات الأنيقة الشيخ عبد الرزاق العفيفي، والشيخ مناع خليل القطان المصري، وغيرهما من نخبة أهل العلم.واشتغل في مكتب سماحة الشيخ ابن باز مترجمًا وكاتبًا، وكان يتقن عدة لغات: العربية، الأردية، والهندية والإنجليزية، وكان له معرفة بالبنغالية، وشارك في عدة دورات علمية ودعوية داخلية وخارجية خلال هذا المنصب، وكان معتمدًا محبوبًا إلى سماحة الشيخ.وقد أفنى الرحيل حياته كلها في خدمة الإسلام والمسلمين.فسر القرآن باللغة الأردوية وسمَّاه بـ«تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان».أبرز مكانة السنة البيضاء الغراء بتأليف كتاب معروف بـ«مكانة السنة في التشريع الإسلامي ودحض مزاعم المنكرين والملحدين» بالعربية.ودافع عن الحديث النبوي الشريف، ورد على المستشرقين وأذنابهم بتدوين مؤلف متداول موسوم بـ«اهتمام المحدثين بنقد السند والمتن ودحض مزاعم المستشرقين وأتباعهم» بالعربية.وفتح مغلقات المرويات في الأحكام والآداب بشرح «بلوغ المرام» للحافظ ابن حجر سماه بـ«تحفة الكرام شرح بلوغ المرام»، وبشرح «الأدب المفرد» للإمام البخاري باسم «رش البرد شرح الأدب المفرد».وارتوى من منهل السيرة المحمَّدية العطِرة -عليها أفضل الصلاة والتسليم-، ودعا الناس إليها بأليف كتابين أحدهما: «الصادق الأمين»، والثاني: «سيد المرسلين» بالعربية، والأول أوسع.وأثرى اللغة العربية وأحسن إلى عشاقها، وحببها إليهم بإعداد سلسلة ذهبية سمَّاها بـ«السلسلة الذهبية للقراءة العرية» 12 جزءًا.خاض في غمار الفقه الإسلامي، واختار فقه أهل الحديث، وأحبَّه حبًّا بلغ مبلغه، وندب إليه الأمَّة بتأليف كتاب مفيد باسم «السعي الحثيث إلى فقه أهل الحديث» 3 مجلدات.هذه معظم مؤلفاته الكبار، وبعضها نقلت إلى الأردية، وبعضها إلى الهندية، وبعضها إلى الإنجليزية، وغيرها عشرات بالعربية والأردية مما أثرت المكتبة الإسلامية.وهناك خدمة عظيمة قدَّمها للأمة الإسلامية وهي بناء صرحين علميين شامخين في أرض بيهار، الهند، وهما مفخرتان يفتخر بهما المسلمون وأبناؤهم وبناتهم، أحدهما لتعليم البنين، والثاني لتعليم البنات، نهل من هذين المنهلين الصافيين آلاف أبناء المسلمين، وبناتهم، وانتشروا في أرض الله دعاة ومعلمين، وأنا ثمرة من ثمار هذه الحديقة الغناء، أسال الله أن يخلدها إلى يوم ورث الله الأرض ومن عليها.وكان الرحيل مقتصدًا في الحياة، لم يستفزه الشيطان بماله، فلم يسرف ولم يقتر، وكان بين ذلك قوامًا، ورزق الله الإنفاق مما آتاه في وجوه الخير، فكان قدوة لأهل المياسر.وكان محبًا للعلم وأهله، ومحرضًا على استثمار الوقت، والصبر الجميل، والعمل الدؤوب، فكان أسوة للمشتغلين بالعلم.وكان معروفًا بتنظيم الأوقات، وقد تفنن في خدمة الأمة الإسلامية من إقامة دور العلم، وإنشاء مركز النشر والطباعة، وتأليف الكتب، وإلقاء المحاضرات، ومشاركات الندوات، فكان خير مثال لأهل المدارس والمشروعات الخيرية.وهذه بعض مآثره سجلتها على عجالة، والإحاطة بكامل أعماله تتطلب سفرًا كبيرًا، ووقتًا طويلًا، فالرحيل قدوة للنشء الجديد في استثمار الأوقات، وتنظيمها، وصرفها في نفع الإسلام والمسلمين.أدعو الله أن يتقبل مجهوداته وحسناته، ويثيب عليها، ويغفر له ذنبه، ويستر عليه، ويدخله جنة الفردوس إنه سميع مجيب قريب.

ليست هناك تعليقات: