الخميس، فبراير 19، 2015


صوت باك وقلب قاس:

سيف الرحمن حفظ الرحمن التيمي
الجامعة الإسلامية، المدينة النبوية
استشعرت بالأمس ما أظهر لنا أستاذنا اليوم، والحقيقة هكذا وإن اختلفت الألسن و تشتت العبارات؛ فذكر لنا استاذ الفقه لا أريد الكشف عن اسمه احتفاظا بكرامته وإخلاصه، أنه لقي امرأة في المسجد النبوي وهي تسأله عما تسد به جوعها، وذكرت له أنها مسلمة فلسطينية هاجرت منها إلى المملكة حينما سيطر الاحتلال الإسرائيلي على بقاع الفلسطين وضاق بهم ذرعا، حتى وضعت البراميل المتفجرة على سقوف بيوتهم وهم يشاهدون الموت بأعينهم، وصاروا من الضنكة بمقام كأنهم ينتظرون البراميل كي تنفجر وتبتلع حياتهم، فما وجدت هذه الفلسطينية إلى الخلاص سبيلا إلا أن تأوي إلى مامن في بلدة آمنة، فاتصلت بقريب له في مكة وهو مسؤول في فندق ما، واستمرت في الاتصال معه إلى أن وعدها بأن يوفر لها الأمان ويقدم لها المساعدة حسب ما يسعه، فلما وصلت هي إلى المملكة اختفى هذا المحسن الواعد ولم يجب الاتصال ولم يرد عليه،فسقطت في يديها، وصارت وحيدة طريدة لا عون لها إلا الله،وبلغها من الألم والأسى ما بلغها، وسهرت من الليالي ما سهرت وهي مضطجعة على بطنها، وقضت من الأيام ما قضت وهي عاكفة على وجهها، ثم اضطرت إلى ما اضطرت من أن تمد يديها إلى من لم تقدم قدمها إليه من قبل، وابتل وجهها ببلة التسول، وأصابها من الحزن ما لا نقدر على تقديره، وهي أم حنون لها أيتام يشبعون من حنونها ويشربون من قرير عينها، فيا لجبل من الألم فاق جبالا من الحجر، والآن حينما نستمع قصتها نظن كأننا نسمع مسجلة سجلها التاريخ وهي تسجل بين أيدينا وعلى مرأى منا، فاللسان عند حكايتها تلكن، والصوت عند بيانها يلثغ، والجلود عند استماعها تقشعر، لكن من أين آتي بقلب يبكي وبعين تذرف..... حينما استمعت لقصة الأم الفلسطينية تجدد ذكرى الأم الحنون العطوف، وأنشدت شفتي:
أمي كم أهواها
أشتاق لمرآها
وأحب للقياها
وأقبل يمناها
و كم تمنيت أن أبكي فلم أستطع... فهل من مهد يهديني قلبا باكيا أفديه بحبي كله...!
فزعت إلى الدموع فلم تجبني
وفقد الدمع عند الحزن داء
وما قصرت في حزن ولكن
إذا عظم الأسى فقد البكاء

ليست هناك تعليقات: