الثلاثاء، نوفمبر 15، 2016

استهداف الحوثيين لقبلة المسلمين جريمة نكراء استنكرتها الأمة جمعاء

بسم الله الرحمن الرحيم
استهداف الحوثيين لقبلة المسلمين جريمة نكراء استنكرتها الأمة جمعاء
إعداد: الدكتور محمد يوسف حافظ أبو طلحة
عضو هيئة التدريس بالجامعة المحمدية ماليغاون، الهند
فجع المسلمون بما قامت به الطائفة الباغية المجرمة المتطرفة المليشيات الحوثية اليمنية المدعومة من إيران من استهداف قبلة المسلمين حيث أطلقت صاروخاً باليستيا من محافظة صعدة اليمنية الحدودية جنوب المملكة العربية السعودية نحو مكة المكرمة في الساعة التاسعة مساء الخميس 26 محرم 1438هـ الموافق 27/اكتوبر 2016م. وقد تمكنت قوات التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية بتوفيق رب الكعبة من اعتراضه وتدميره في الجو قبل أن يصيب هدفه على بعد 65 كم من مكة المكرمة من دون أي أضرار. وجاء في تصريحات رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بأن الهجوم تم بأمر من خامنئي وتحت إشراف قوة القدس من داخل الأراضي اليمنية. وهي جريمة نكراء لا يرتضيها أي عاقل فضلا عن مسلم في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وهي تؤذن بزوال تلكم النبتة الفاسدة ونهايتها بإذن الله. وقد كشفت عن خطر المشروع الصفوي على العالم الإسلامي وعن النوايا الخبيثة للحوثيين وأعوانهم وعن شعاراتهم الزائفة، كما أكدت أن عاصفة الحزم لا مناص منها للحفاظ على الأمن في الشرق الأوسط وللقضاء على الاعتداء الشيعي والحد من المد الصفوي. وأبانت أن الميليشيات الحوثية لا تقيم وزنا لقرارات المجتمع الدولي والمساعي القائمة لحل سلمي للأزمة اليمنية. وهذه الفاجعة تحدٍ واضح لكل من يتوجه إلى الكعبة في صلواتهم، بل بمثابة إعلان حرب على الأمة الإسلامية بأسرها، فتوالت عقبها ردود واستنكار وتنديد وإدانة لهذا العدوان الإرهابي الإجرامي وللمشروع الفارسي الإيراني من الدول والمنظمات والجمعيات والمراكز والمؤسسات الإسلامية والقادة والعلماء بل من كل مسلم في قلبه مثقال ذرة من إيمان، كل بحسبه؛ لأن مكة المكرمة خير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، فاختارها لأول مسجد وضع في الأرض، وجعله قبلة للمسلمين، وجعل الصلاة فيه أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد النبوي، وفرض حجه على من استطاع إليه سبيلا، ووعد حجاجه بغفران الذنوب والفوز بالجنة، وحرم الله مكة منذ خلق السموات والأرض، فهي حرم آمن إلى يوم القيامة، لا يسفك فيها دم، ولا تعضد شجرها، ولا يختلى خلاها غير الإذخر، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشدها على الدوام، واختارها الله لخاتم النبيين وأفضل المرسلين مولدا ومنشأ ومبعثا ومسرى، كما نطقت الأحاديث الصحيحة، فصارت مكة مهوى أفئدة الأمة الإسلامية جمعاء. ولكن الناس يتساءلون: ما الذي جعل المليشيات الحوثية تقدم على هذه الجريمة الشنعاء التي استفزت مشاعر مليار وثلاثمائة مليون مسلم؟ والجواب أن المليشيات الحوثية تربت قادتها في كنف قادة الثورة الخمينية تربية فكرية، وتدربت في أحضانها تدريبا عسكريا، وتدعمها إيران بأسلحة ومعدات حربية ومساعدات مالية، حتى تقوم هذه المليشيات بتنفيذ وتحقيق الخطط الصفوية والمشاريع الرافضية. والرافضة تعتقد أن كربلاء أفضل من مكة، وليس فضل مكة في جنب فضل كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غرست في البحر فحملت من ماء البحر، بل أمر الله تعالى الكعبة أن تكوني ذنبًا متواضعًا ذليلاً مهينًا لأرض كربلاء وإلا هويت بك في نار جهنم. وتذكر مصادر الرافضة أن الله قد اتخذ أرض كربلاء حرما آمنا مقدسا مباركا قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتخذها حرما بأربعة وعشرين ألف عام، فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدسة مباركة، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنة، وأفضل منزل ومسكن يسكن فيه أولياءه في الجنة. وكذلك تجعل الرافضة زيارة قبر الحسين منسكا أفضل من مناسك الحج، فإن كتبهم تنص أن من أتى قبر الحسين عارفا بحقه في غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات. ومن أتاه في يوم عيد كتب الله له مائة حجة ومائة عمرة. ومن أتاه يوم عرفة عارفا بحقه كتب الله له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل. وإن الله تعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين عشية عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف، ومن خرج من منزله يريد زيارة الحسين كتب الله له بكل خطوة حسنة. وإذا قضى مناسكه أتاه ملك فقال له: أنا رسول الله، ربك يقرئك السلام، ويقول لك: استأنف فقد غفر لك ما مضى. ويعتقدون أيضا أن إمامهم الغائب إذا ظهر يهدم الكعبة والمسجد النبوي، ويقطع أيدي بني شيبة حجبة الكعبة، ويعلقها على الكعبة، ويخرج أبا بكر وعمر من قبريهما، ويحرقهما، إلى غير ذلك من الخرافات التي طفحت بها كتب الرافضة، كفروع الكافي للكليني وتهذيب الأحكام للطوسي ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه وكامل الزيارات لابن قولويه وبحار الأنوار للمجلسي ووسائل الشيعة للحر العاملي. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. والهدف من ذلك صد الناس عن حج بيت الله الحرام؛ فقد ذكروا عن بعض أئمتهم أنه قال: "لو أني حدثتكم بفضل زيارة الحسين وبفضل قبره لتركتم الحج رأسا". وقال بعض رواة هذه الأساطير: "والله لقد تمنيت أني زرت الحسين ولم أحج". وفعلا لم يحج المراجع الشيعية المعاصرة: الخميني وخامنئي والسيستاني مع استطاعتهم القيام بتلك الفريضة. فسبحان من يطمس على القلوب. وعلى هذا المعتقد قامت الثورة الخمينية، وهي تسعى أن تكون إيران مركز العالم الإسلامي سياسيا ودينيا، وأن تكون المقدسات الشيعة مثابة للأمة الإسلامية، فلا حول ولا قوة إلا بالله. ومن الجانب الآخر أرادت المليشيات الحوثية أن تبرهن أمام العالم الإسلامي أن المملكة العربية السعودية ليست عندها كفاءة ومقدرة على توفير الأمن في الحرمين، فيجب تسليمهما للدولة التي عندها مقدرة أو تدويلهما. ولكن رد الله كيدهم في نحورهم، وقيض له القوات الباسلة التي تصدت لهذا العدوان السافر، ونجحت في إفشاله، وأثبتت قدرة المملكة على حفظ المقدسات الإسلامية، فطوبى لهم. وكل ذلك بفضل الله وتوفيقه، فله الحمد أولا وآخرا وظاهرا وباطنا. ولما رأى هؤلاء المجرمون أنهم فشلوا في هدفهم الخبيث البغيض، ووقف العالم الإسلامي صفا واحدا إلى جانب المملكة العربية السعودية تضامنا ونصرا وتأييدا بكل صلابة وحزم، وتتابعت ردود وإدانات شديدة تترى لا تتوقف، قالوا: إن المستهدف ليس مكة، بل مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة؛ لأنه يضم القاعدة الجوية السعودية التي تنطلق منها الطائرات للقصف في اليمن. ولكن كل من له عقل وبصيرة على يقين بأنها لعبة سياسية؛ فإن كان الهدف ضرب القواعد العسكرية فثمة قواعد على مقربة من الحدود مع اليمن، ولكنهم قصدوا استهداف مكة حتى يبرهنوا أمام العالم لما ادعته إيران من أن السعودية لا تستطيع توفير الأمن في المدينة المقدسة. وعلى فرض أن المستهدف مطار جدة فهو ليس بمطار عسكري، بل أغلب ركابه من المعتمرين وزوار بيت الله الحرام، وهو أكثر مطار المملكة ازدحاما، فأي دين وعقل يرضى استهداف أبرياء في مثل هذه الأماكن، وهذا لا يقل فظاعة عن الهجمة الإرهابية التأريخية التي استهدفت نيو يورك في 11 سبتمبر 2001م. وهذه الفاجعة تطالب الحكومات والشعوب الإسلامية أن تستشعر بالخطر المحدق بالأمة في ظل التحديات المجوسية الصفوية، وأن تقف صفا واحدا للتصدي لها، وأن تتخذ تدابير لازمة وخططا محكمة في سبيل مواجهة هذا الخطر الذي ينذر بشر مستطير. والله غالب على أمره. وما قامت به المليشيات الحوثية ليس بغريب في تاريخ الشيعة؛ فإن التاريخ يشهد أن الشيعة رافضتهم وقرامطتهم وإخوانهم وأعوانهم لم يراعوا حرمة البلد الحرام، بل قاموا فيه بأعمال إجرامية بشعة تقشعر لها الأبدان، وتنخلع من هولها القلوب: ففي سنة سبع عشرة وثلاثمائة (317ه) خرج الشيعة القرامطة على الحجاج بسيوفهم يوم التروية، فقتلوا في الشهر الحرام في رحاب مكة وشعابها حتى في المسجد الحرام من الحجاج خلقًا كثيرًا، قتلوهم وهم يطوفون، قتلوهم وهم متعلقون بأستار الكعبة، وقد بلغ عدد القتلى زهاء ثلاثين ألفا من أهل البلد ومن الحجاج، ثم دفنوهم في أماكنهم من الحرم وفي المسجد الحرام وفي بئر زمزم، وقلعوا باب الكعبة، ونزعوا كسوتها، وقلعوا الحجر الأسود، وأخذوه إلى بلادهم، فمكث عندهم ثنتين وعشرين سنة حتى ردوه في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. فإنا لله وإنا إليه راجعون. (انظر: البداية والنهاية 15/37-39). وقامت الثورة الخمينية في إيران عام 1979م، وكان من أهم الأسس التي قامت عليها سياستها الخارجية مبدأ تصدير الثورة للمناطق المجاورة، فقامت بإثارة الأقليات الشيعية في دول الخليج، وأسست العديد من المنظمات الإرهابية الشيعية في داخل إيران كفيلق القدس وغيره، وفي خارجها، كحزب الله في لبنان، وحزب الله الحجاز، ودربت وجندت العديد من الميليشيات الطائفية في عدد من الدول، كالحوثيين في اليمن. وقد قامت إيران ومنظماتها المجندة بأعمال إجرامية كثيرة في البلد الحرام والأماكن المقدسة، من أهمها: في عام 1406ھ/1986م حاولوا إدخال المواد المتفجرة إلى الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، فقد وصلت طائرة إيرانية على مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة 3/12/1406ھ، واكتشف رجال الجمارك والأمن خمسا وتسعين حقيبة ذات مخازن سفلية ملبسة بمادة شديدة الانفجار، وقد بلغ وزن المواد المتفجرة واحدا وخمسين كيلو غراما، وأثناء التحقيق اعترف كبير ركاب هذه الطائرة بأن مجموعته كلفت من قبل القيادة الإيرانية باستخدام تلك المتفجرات في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.  وفي 5/12/1407ھ الموافق 31/يوليو 1987م أقام الحجاج الإيرانيون في مكة قرب المسجد الحرام مسيرة صاخبة رافعين شعارات الثورة الإسلامية في إيران وصور الخميني ومجسما كبيرا للمسجد الأقصى، وكانوا يحملون السكاكين والأسلحة البيضاء داخل ملابسهم، وأغلقوا منافذ الطرقات، وعرقلوا الممرات، وأخذوا يدافعون الحجاج والمدنيين بقوة وعنف، فوقعت اضطرابات وفوضى أسفرت عن مقتل أربع مائة واثنين.  وفي 6/ذي الحجة 1409ھ الموافق 10/يوليو 1989 وقع انفجاران، الأول في أحد الطرق المؤدية للمسجد الحرام والآخر فوق الجسر المجاور للمسجد، ونتج عن ذلك وفاة شخص واحد وإصابة ستة عشر آخرين، وكان ذلك على يد عدد من رافضة الكويت وواحد من السعودية من الأحساء بالتنسيق مع دبلوماسيين في السفارة الإيرانية بالكويت، وتم إعدام ستة عشر متهما في 21/سبتمبر 1989م بأمر من الملك فهد. ويعتبرهم الرافضة شهداء الحرم المكي، فإلى الله المشتكى.  وفي 10 ذي الحجة 1410 هـ الموافق 2/يوليو 1990م وقع تدافع عنيف واختناق شديد في نفق المعيصم بمكة مما أدى إلى مقتل ألاف ضيوف الرحمن. وكان ذلك بسبب الغاز السام الذي أطلقته عصابة من حزب الله الحجاز في الكويت بالتنسيق مع السلطات الإيرانية. وفي 10/ذي الحجة 1436ھ الموافق 24/سبتمبر 2015م وقع تدافع شديد أدى إلى مقتل آلف حاج تقريبا، وكان وراء هذا الحادث حشد كبير من الحجاج الإيرانيين، بل كشف الخبير السياسي الإيراني المعروف فرزاد فرهنكيان أن هذه الحادثة افتعلها ستة ضباط من الحرس الثوري الإيراني، وذكرهم بأسمائهم. فلا حول ولا قوة إلا بالله. فواعجبا لإيران وأجنحتها تفعل هذه الأفاعيل الإجرامية في البلد الحرام، وتهتف بشعارات زائفة: الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل؛ لاستمالة قلوب عامة المسلمين، فياترى هل هذه الأضرار الفادحة وقعت بالمسلمين؟ أو وقعت بأمريكان وإسرائيل؟ ولكن السلاح الفعال الناجح –فيما يبدو- الذي يملكه الرافضة سلاح التقية، وهي تسعة أعشار الدين الرافضي، وتعني أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطنه تدينا. ولذلك وصفهم أهل العلم بأنهم أكذب خلق الله.     هذا، وليعلم كل من يتشقق قلبه حقدا على المكانة التي تحظى بها الكعبة المشرفة أن الله تعالى يحفظها بحفظه، كما حفظها من هجمات أبرهة وجنوده، وأنه يذيق الخزي والندامة كل من يريد به سوءا. ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [سورة الحج:25]. والله أسأل أن يعز الإسلام والمسلمين، ويحفظ الحرمين الشريفين من كيد الأعداء وشر الأشرار، وأن يديم على الأمة مجدها وعزها، وأن يجعل كيد أعدائها في نحورهم. آمين.

ليست هناك تعليقات: