شدد الشيخ الدكتور صالح بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة، على أن مجالس الغيبة مجالس بلاء وفتنة وأكل للحسنات، تؤكل فيها لحوم المؤمنين وتنتهك فيها أعراض الغافلين.
وأكد أن الغيبة محرمة في كتاب الله وسنة رسوله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وإجماع أهل العلم، وتأباها الفطر المستقيمة والنفوس الطاهرة والصدور السليمة؛ فحينما عرج بالنبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ مر بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقال: "يا جبريل من هؤلاء؟" قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم.
وقال في خطبة الجمعة 4-2-2011م التي ألقاها في المسجد الحرام إن "الغيبة مظهر من مظاهر ضعف الديانة وقلة الورع والخلل في فقه التدين، بل موبقة من موبقات الآثام وحالقة من حالقات الدين، تنهش في الحرمات وصيانة الأعراض، خصلة من خصال السوء ذميمة، ترى بارزة شاهدة في اجتماعات الناس وتجمعاتهم ومجالسهم ومنتدياتهم، لا يكاد يستثنى منها أحد علماء وعامة رجال ونساء صغار وكبار، جرمها خطير وعلاجها عسير، داء عضال يهدم المجتمع ويقوض البنيان ويقطع عرى التواصل ويمزق أواصر المحبة، يوغر الصدور ويشحن النفوس ويفسد المودة وينشر الضغائن ويولد الأحقاد".
وأضاف فضيلته: "كم هتك هذا المظهر من أستار، وانتقص لسببه من أخيار، ولفق في سبيله من أخبار، يشترك في ذلك الفاعل والسامع والراضي، إنها ضيافة الفساق وجهد العاجزين ومرعى اللئام، إنهم أكلة لحوم البشر، بل إنهم أكلوا الجيف، إنها الغيبة وما أدراك ما الغيبة، نهش الأعراض وإن أربى الربى استطالة المرء في عرض أخيه، ولقد حددها رسولنا محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وبينها بيانا شافيا، فقال: (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره)".
وأوضح قائلا: ''الغيبة تكون بالقول والفعل والوصف والحركات والإشارات والرموز باليد وباللسان والعين والإصبع غمزا وهمزا ولمزا، بل الأشد والأنكى أنها لا تحصر في طريقة ولا تنحصر في أسلوب، ولكنها ترجع إلى بواعث النفوس وأساليب المبتلين بها ـــ عياذا بالله ـــ فقد يخرجه المغتاب في قالب التدين والصلاح والعفاف والورع، فتراه يقول فلانا ـــ غفر الله لنا وله ـــ فيه كذا وكذا لعل الله أن يعافيه، أو يخرجها بصفة التعجب، فيقول: كيف يفعل فلان كذا وإني أستغفر الله كيف يفعل فلان كذا، ومنهم من يفعلها بأسلوب التحسر وإظهار المحبة والشفقة، فيقول لقد أغمني حال فلان وإني مشفق على أخينا لما فعل من كذا وكذا ـــ عافانا الله وإياه".
وأبان أن "أهل العلم يقرون بأن سوء الظن من الغيبة، فإذا ظننت فلا تتبع العمل، والغيبة ليس لطرائقها حد ولا لأبوابها سد. وحينما سأل رجل النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ فقال له أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته)''.
وأشار إلى أنه من أجل إدراك عظم البلاء فليتم النظر في ما يخوض فيه المتخوضون في شبكات المعلومات، ففي ذلك شيء كثير من نشر معايب الناس ومثالب أهل الفضل والصلاح''. وأضاف إمام الحرم المكي: ''إنه كم يرى من مسلم متهاون قد جرد لسانه مقراضا للأعراض وانتهاكا للحرمات في همز ولمز وانتقاص، فهذا طويل وهذا قصير وهذا أحمق وهذا فاسق وهذا منافق، بل كم يرى من رجل متورع عن الفواحش والظلم عليه مظاهر صلاح ولكن لسانه يفري في أعراض الناس الأحياء منهم والأموات، فهلا حجزته عبادته وهلا كفه صلاحه''.
وقال الشيخ بن حميد ''لو حاسب المغتاب نفسه حقا لعلم أن ما هو واقع فيه قد أهلك به نفسه وأهلك جلساءه إن لم ينهوه وينصحوه وينكروا عليه، فالمستمع شريك والمقر شريك، فيجب الإنكار والتوبة والتناصح والذب عن أعراض المؤمنين، ومن رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة، فمن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته، وإذا ظهرت الغيبة ارتفعت الأخوة في الله''.
وأوضح الشيخ صالح بن حميد أن "الغيبة من كبائر الذنوب وكبائر الذنوب، لا تكفرها الحسنات من الصلاة والصيام والصدقة وسائر القربات، بل لا بد من الإقلاع والندم والتوبة النصوح واستحلال من وقع في عرضه.
هناك تعليق واحد:
لاشك أن الأمر خطير جدا حيث كثير من الناس يتهاونون بها وينتهكون بأعراض الآخرين لأمورتافهة ومن أجل الارتكاب بهذه المعصية كم من بيت خرب بنيانه وكم من ناس ساءت العلاقات اليومية فيمابينهم وكم من صديق لايسئل عنه حميمه...فنحن بحاجة إلى الاعتصام بالكتاب والسنة كما قال الإمام مالك رحمه الله:
السنة مثل سفينة نوح من ركبها فقد نجا ومن تخلف عنها فقد هلك
وجزاكم الله جميعا على حسن الاختيار فى هذه الأيام بهذا الموضوع خطابة وكتابةونفع بكم الإسلام والمسلمين فى أنحاء العالم الإسلامى" اللهم وحد صفوف المسلمين واجمع كلمتهم على التوحيد والاعتصام بالكتاب والسنة الصحيحة
الداعى لكم بكل خير
كرم الله عبدالرؤف نيبالى
إرسال تعليق