الأحد، مارس 23، 2014

مسلمو الهند : الآلام والأحلام

محمد سليم اخترالتيمي
08374671882

إن الهند دولة خصبة وصلت إلى جنوبها ساحل مليبار أشعة الإسلام المتألقة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على أيدي التجارالعرب بينهم الصحابي الجليل مالك بن دينار[1] الذين كانوا يترددون على سواحلها منذ عدة قرون، كما وصل المسلون إلى ساحل الهند الغربي تانة (مومبائ) وبهروج عام 15هـ في عهد عمربن الخطاب رضى الله عنه، وبدأ فتح السند في عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه[2]، وتم هذا الفتح في عهد الوليد بن عبد الملك بالشباب اليافع محمد بن قاسم. وأن الإسلام حقق انتشارا واسعا في ربوع الهند ومجاهلها، وضمت أرض الهند العريقة إلى أحضانها الرحبة الدين الجديد، وهيأت له  كل الظروف التي مكنتها على ترسيخ أقدامه على أراضيها الخصبة الخضراء في غضون بضعة قرون، وقامت فيها حكومة إسلامية خالصة لله الواحد القهار إلى خمسة قرون متتالية.
وأن المسلمين في الهند نسبة 14.5% من السكان، وهي نسبة كبيرة من حيث عدد السكان، حيث يزيد عددهم عن 180 مليون شخص في بلد يزيد عدد سكانه عن مليار نسمة، وأن عدد المسلمين الهنود هو ثاني أكبر معدل للمسلمين في العالم بعد عدد سكان أندونيسيا التي يعيش فيها 200 مليون مسلم. فعلى الرغم من هذا العدد الكبير أنهم لا يعيشون عيشة مرضية ولا ينامون نوما مريحا، ولا يتجولون في أنحاء البلاد فارغ البال، بل يخافون لومة لائم ويخشون ضرب الضباط ويواجهون الخطط الشنيعة والدسائس الخبيثة بمرور الأيام منذ أن وصل البريطانيون إلى إرض الهند بإسم الشركة عام 1600م، وتولوا الحكومة الهندية، وأن الغزو الإنجليزي للهند لم يكن غزوا سياسيا، بل كان غزوا ثقافيا ودينيا أيضا، ولتحقيق هذا أنهم قاموا بإحراق بيوت المسلمين وإضاعة أموالهم وإراقة دمائهم ونفيهم وإعدام علمائهم الربانيين وبإبعادهم عن المناصب الحكومية، فأحاط بالمسلمين البؤس والشقاء، وبلغ الشرمنتهاه والاضطهاد مبتغاه.
واشتد وزاد هذا بعد الاستقلال من براثن القوات البريطانية، ويبدأ أنه لايتوقف ولا يرضى الله وجود الإسلام في أرض الهند ، فالمسلمون الهنود يواجهون بمرور الأيام المشكلات الثقافية والتعليمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدعوية والتعصب والتمييز في المعاملات والاعتقال التعسفي وتمزيق المصحف الشريف وإحراقه أو استخدامه في تعبئة السلع والبضائع، كما يتعرضون لمشكلات تدمير المساجد وحرمتها [3] وتحطيم الشخصية الإسلامية وحماية قانون الأحوال الشخصية الإسلامي وعدم الشجاعة والثقة في أنفسهم.
وأكبر ألم يفوق جميع المشكلات والآلام  هو اتهام الشباب بالإرهاب الذي لايمت إلى الواقع بصلة، وراء كل هجوم إرهابي وتفجيرات متتالية في الأماكن المختلفة عام 2001م في البرلمان الهندي ومعبد أكشردهام في نيودلهي، و2002م في قطاررفيع غنج، و2005م قطارجونبور وأيودهيا ، و2006م المسجد الجامع وماليغاؤن وقطاربنغال الغربية، و2007م سمجوته إكسبريس ومكة مسد بحيدرآباد وأجمير، و2010م جنيسواري إكسبريس وبنارس، و2012م هجوم على الدبلوماسيين الإسرائليين في دلهي و2013م تفجيرات حيدرآباد وبتنه بولاية بيهار. وعقب ساعة أو ساعتين وجه سهام الاتهام بالإرهاب إلى الشباب المسلمين وراءها بدون تحقيق بكون أتصالهم بالدين الحنيف، وأنهم تعرضوا ويتعرضون لأبشع ألوان التعذيب والانتهاكات على يد الأجهزة الأمنية يوما بعد يوم، ويوضع العديد منهم رهن الاعتقال بدون ثبوت أية اتهامات تتعلق بأنشطة إرهابية عليهم. ومن بين هذه الحالات حالة محمد برفيز عبد القيوم الذي اعتقل في غجارت الذي ظل في السجن 14 شهرا بشبهة، وعانى خلال هذه الفترة ضرب المبرح والتعذيب من قبل ضباط الأمن الهنود، كما أن أفضل غرو حكم إعدامه 17 فبراير2013م بتهمة أنه هجم على البرلمان الهندي عام 2001م، مع ليس له أئ صلة بهذه الهجمة.
وأعظم ما ترتعد من ذكره القلوب وتقشعرله الجلود هو حملات الإبادة ضد المسلمين في الهند، فان المعاندين للإسلام حاولوا محاولة كبيرة لتقليل سكان المسلمين في الهند، وهذه المحاولات الخبيثة ظهرت حينا بعد حين في غوجارت سنة 2002م وقتل فيها المسلمون الكثيرون أمام أبائهم وأبنائهم وأمهاتهم، فيما بينهم النساء والشيوخ والصغار، وسفك دماءهم بصورة وحشية بمعاونة الضباط الحكوميين والقواد السياسيين بينهم المرشح لرئاسة الوزراء نريندرمودي، كما ظهرت في ولاية آسام حملة قمعية ضد المسلمين، وقتل فيها عدد كبيرمنهم و ذبحوا وتعرضوا لأبشع الجرائم، وقد راح ضحية لهذه المجزرة العشرات، وأصيب 400 بحسب إحصائيات أولية، فيما نزح أكثر من 50 ألف مسلم إلى مناطق هندية داخلية وإلى معسكرات الإغاثة هربا من المواجهات بعد حرق 500 قرية. ولن ينس المسلمون مجزرة مظفرنكربولاية أترابراديس في سبتمبرعام 2013م، وأن هذه أعمال الشغب الطائفية التي وراءها قام بدور هام رئيس حزب "ساماجوادي" أكهليش يادو وملائم سنغ أخو نريندرمودي، قتلت أكثر من خمسين مسلما وجرحت أكثر من تسعين نسمة فيما بينهم النساء والشيوخ والأطفال، وهرب من البيوت والقرى آلاف الرجال والنساء، ولاجئوا إلى المعسكرات التي مااستطعت أن تحفظهم من البرد الشديد الذي ذهب بكثيرمن الأطفال الصغار والشيوخ الضعفاء بصورة لاتوصف. فيا آلام المسلمين!
ومما يجدربالذكرأن المسلمين في الهند يعيشون أقل تعليما وأفقر وأقصرعمرا وأقل تمتعا بالضمانات، وأن التقرير يشير إلى أن المسلمين أسواء حالا من طائفة"داليت"، حيث أن نسبة البطالة بين الرجال المسلمين هي 52 بالمئة مقابل 47 بالمئة بين رجال الداليت، وأما بين النساء المسلمات هي 91 بالمئة مقابل 77 مقابل بالمئة بين نساء الداليت، في حين لا تزيد نسبة شاغلي الوظائف الحكومية بينهم على5 بالمئة. وهناك 29 ألف مسلم فقط في الجيش الهندي البالغ عدده 1.3مليون عسكري.......! وأن نسبة المتخرجين في التعليم العالي ضئيلة جداً، حيث لا يزيدون على 3-4%.
وأن هذه الظروف الخطيرة تتطلب من المسلمين الهنود أن يستيقظوا من النوم العميق، ويتمسكوا بالكتاب والسنة تمسك الصحابة والتابعين والسلف الصالحين، ويجتنبوا عن التفرق بينهم، ويخرجوا من الأمية إلى التعليم ويدربوا أولادهم على التعليم العالي تدريب المعاندين للإسلام أولادهم ويلحقوهم بالمدارس والكليات والجامعات الهندسة والتكنالوجية والاقتصادية والطبية وغيرها ويحثوهم على المشاركة في التنافسات العالية للمناصب العليا، ويرسلوهم إلى قسم الوكالات والمخابرات وأماكن أسرارالحكومة والشرطة والجيش للدفاع عن الإسلام وأتباعه والوطن العزيز.
وأن هذه الأوضاع السيئة تتطلب من المسلمين أن يبذلوا كل ما فيهم من الجهود الجبارة في التنمية الاقتصادية والفكرية والاجتماعية بذل الأعداء فيها، ويساهموا في مجال السياسة لقيادة الأمة الإسلامية في الهند وإبعادها من خطط الأعداء الشنيعة. كما تتطلب منهم أن يؤسسوا وسائل الإعلام للفاع بها عن الإسلام وأتباعه ويسلكوا الطرق التي يسلكها الأعداء لتشويه صورة الإسلام والمسلمين.


1 - كما كتب المؤرخون أن ملك الهند أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم جرة فيها زنجبيل ، فأطعم صلى الله عليه وسلم أصحابه قطعة قطعة .(المستدرك للحاكم ،المجلد الرابع صـ135).
(2)  فتوح البلدان للبلاذري صـ 670، والدعوة الإسلامية في الهند لمسعود الندوي صـ 3.
(3) أن المتطرفين الهندوس قد هدموا المسجد البابري سنة 1992م وحاولوا محاولة خبيثة لبناء معبد هندوسي على أرضه.

ليست هناك تعليقات: